
اتفق الفقهاء المتأخرون، الذين ظهرت المخدرات في زمانهم، في القرنين السادس والسابع، على حرمة تعاطي المخدرات، الطبيعية والمصنعة؛ لأنها جميعاً تودي بالعقل، وتفسد وتضر بالجسم والمال، وتحط من قدر متعاطيها، في المجتمع. فيقول شيخ الإسلام، ابن تيمية: "أما الحشيشة الملعونة المسكرة، فهي بمنزلة غيرها من المسكرات؛ والمسكر فيها حرام؛ باتفاق العلماء؛ بل كل ما يزيل العقل، فإنه يحرم أكله، ولو لم يكن مسكراً، كالبنج. أما قليل الحشيشة المسكرة، فحرام عند جماهير العلماء، كسائر القليل من المسكرات. وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
"كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (أبو داود: 3195). ونبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث بجوامع الكلم، فإذا قال كلمة جامعة، كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها، سواء كانت الأعيان موجودة في زمانه ومكانه، أو لم تكن.
وأجمع الأحناف على حرمة التخدير والسكر. ويقول الإمام القوتلي، في شرحه لمتـن القدوري: "لا يجوز أكل البنج والحشيشة والأفيون. وذلك كله حرام؛ لأنه يفسد العقل، حتى يصير الرجل في خلاعة وفساد، يصده عن ذكر الله، وعن الصلاة".
ومن الشافعية مَن قالوا: "إن المخدر كله حرام، قليله و كثيره. ولا حدّ فيه، بل فيه التعزير فقط؛ لا فرق بين مخدر وآخر.
وذكر الخطاب المالكي، أنه لا خلاف عند المالكية، في تحريم القدر المفسد المغطي للعقل من المخدرات، ويحرم قليلها و كثيرها، ما دامت مسكرة.
0 التعليقات: